م.م فاضل عباس صباح
كلية علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات
شكلت الثورة الرقمية والمعلوماتية نقله تكنولوجية كبيرة، وأصبح الفضاء السيبراني عنصراً مهماً في النظام الدولي المعاصر بما يحمله من أدوات تكنولوجية متقدمة، فقد أضاف محاور جديدة، ومستويات عديدة من التعقيد، وبات أكثر تأثيراً في الحسابات الاستراتيجية. والدول التي لا تملك تكنولوجيا شبكات أمنة سيكون فضائها والبنية التحتية الحيوية الخاصة بها عرضة للهجمات السيبرانية، والتي تسبب أضراراً واسعة النطاق.
بدأ استخدام مصطلح الإرهاب الإلكتروني في بداية ثمانينيات القرن الماضي على يد باري كولين، وقد وجد أن من الصعوب ايجاد تعريف شامل للإرهاب التكنولوجي. وبعدها، قدم تعريفاً للإرهاب الإلكتروني بأنه ” هجمة الكترونية غرضها تهديد الحكومات أو العدوان عليها، سعياً لتحقيق أهداف سياسية أو دينية أو ايديولوجية، أن الهجمة يجب أن تكون ذات أثر مدمر وتخريبي مكافئ للأفعال المادية للإرهاب”() وعرفه جميس لويس james lewiss ” بأنه استخدام أدوات شبكات الحاسوب في تدمير أو تعطيل البنى التحتية الوطنية المهمة مثل: الطاقة والنقل والعمليات الحكومية، أو بهدف ترهيب حكومة ما أو مدنيين”() وعقب الطفرة الكبيرة التي حققتها تكنولوجيا المعلومات، واستخدام الحواسب الآلية والإنترنت في إدارة معظم شؤون الحياة في بداية تسعينيات القرن العشرين، وهو الأمر الذي دعى نحو 30 دولة إلى التوقيع على “الاتفاقية الدولية لمكافحة الإجرام على الإنترنت” في بودابست عام 2001، والذي يعد من أخطر أنواع الجرائم التي ترتكب عبر شبكة الإنترنت.() وبهذا فأن الإرهاب السيبراني يهدف إلى خلق الفوضى والدمار، والتسبب في خسائر مادية واقتصادية، والإضرار بالمصالح الأمنية والعسكرية والمدنية للدول والمؤسسات.
وللإرهاب السيبراني أشكال متعددة تتنوع بحسب طرق وأساليب مختلفة، منها:()
القصف الإلكتروني لتدمير المواقع والبيانات الإلكترونية والنظم المعلوماتية.
إدارة العمليات الإرهابية، وتبادل المعلومات من خلال الشبكة المعلوماتية.
تهديد وترويع الآخرين ونشر الاشاعات الكاذبة بين الناس.
البرمجيات الخبيثة (الفايروسات، أحصنة طروادة، وغيرها من البرامج الضارة).
التجسس الإلكتروني والحصول على المعلومات السرية أو الحساسة.
الحروب الإعلامية وتأثير على الرأي العام العالمي.
وهنا يثار تساؤل هل يشكل الإرهاب السيبراني تهديداً خطيراً في عصر الذكاء الاصطناعي. إجابة على هذا التساؤل ووفقا لما تقدم، إن الإرهاب السيبراني يشكل خطراً حقيقياً في عصر التكنولوجيا الحديثة، وخصوصاً استخدام التكنولوجيا والأنترنيت في حياتنا اليومية بشكل متصاعد، أصبحت الهجمات السيبرانية الإرهابية وسيلة فعالة يستخدمها الإرهابيون للقيام بأعمالهم الاجرامية، حيث قام تنظيم داعش الإرهابي بنشر وترويج افكاره المتطرفة، وجذب المسحلين وتجنيدهم وتنفيذ الهجمات والتفجيرات، عن طريق التكنولوجيا الإلكترونية والتي كانت من بين الأنشطة التي استخدمها في مخططاته الإرهابية، واستخدام الاتصالات الإلكترونية وتشفير الرسائل للتواصل بين عناصره.
وللإرهاب السيبراني مخاطر واسعة النطاق على الصعيدين الاقتصادي والأمن القومي، حيث قد يكون له عواقب عديدة بما في ذلك تعطيل البنى التحتية الحيوية، ووقف الخدمات الاساسية والحياة اليومية، وسرقة المعلومات وتسريبها، مما يؤثر على الأمن والاستقرار في الأنظمة الحكومية والاقتصادية، والتأثير على الاستقرار السياسي والاجتماعي.
تعتبر مكافحة الإرهاب السيبراني والتصدي له أمراً هاماً في عصرنا هذا، ويكون ذلك من خلال تحسين وتعزيز الوعي الأمني وأمن المعلومات، والاجراءات الوقائية لحماية الشبكات بتدريب الموظفين وتثقيف الجمهور العام للمستخدمين، استخدام التقنيات الحديثة لصد ومكافحة الاختراقات، وتقييم الأضرار والعوامل المؤثرة فيه، والأهم من ذلك إنشاء إطار قانوني دولي فعال في مجال مكافحة تهديدات الإرهاب السيبرانية يتم فيه تبادل المعلومات والخبرات، وضع تشريعات وسياسات فعالة لحماية البيانات ومكافحة الجرائم السيبرانية ومعاقبة المتسللين.
ومن خلال هذه التدابير، يمكن تعزيز قدرة الدول والمؤسسات على التصدي لتهديدات الإرهاب السيبراني وحماية الأنظمة والمعلومات الحساسة ومواجهة التحديات الجديدة في عصر الذكاء الاصطناعي. كما إن اهتمام الافراد بأمن بياناتهم ووعيهم بمخاطر تهديدات الإرهاب السيبراني يلعبان دوراً هاماً في الحفاظ على سلامتهم الشخصية وأمنهم الرقمي.